"دول كلهم مسجلين خطر" هكذا بررت صديقة قريبة من الالتراس فرحتها بحكم الاعدام علي المدانيين قضائياً بارتكاب المذبحة، واقتناعها به، الكلمة لم يكن لها وقع مفاجئ علي بالمرة، فالشعب المصري تعود عبر سنوات علي ايجاد المبررات حتى لا يتعاطف مع الضحية دائماً وأبداً.
البعض يستغرب هنا استخدامي للفظ "الضحية" علي المسجلين خطر، هل هناك مسجل خطر ضحية؟ الإجابة نعم، أغلب المسجلين خطر هم ضحايا لعدة أشياء بداية من الفقر والظروف والبيئة التي تورطه في الجريمة، مروراً بالبيه الظابط الذي يمنع عنه التوبة باستدعائه في كل كارثة تحدث ليخضع لتعذيب بشع لاجباره علي الاعتراف بجريمة لم يرتكبها في أغلب الوقت، فالبيه الظابط بدلاً من اجهاد نفسه في التوصل لمرتكب الجريمة يلجأ للحل السهل مسجل خطر يتحمل الجريمة، ولن يكون هناك أزمة في اقناع المجتمع والقاضي بأنه ارتكب مثل هذه الواقعة، أو الحل الاسهل أن يستغله البيه الظابط في "البيزنس غير المشروع" بداية من تحصيل الاتاوات والكارتة وحتى الاعتداء علي المتظاهرين،دون أن يجرؤ المسجل خطر علي الاعتراض أو الرفض فهل يرفض ايذاء اشخاص لن يتضامنوا معه إذا راح ضحية التعذيب لمجرد أنه مسجل خطر، وإذا تدهور الامر واصبح لازماً تقديم الفاعل فليس ارخص من المسجل خطر لتقديمه، وليس هناك دليل أبرز من تأجيل الحكم علي الضباط المتهمين لحين هدوء الساحة وبعدها يتم تبريئتهم أو علي الاقل الحكم عليهم باحكام أخف بكثير.
البعض سيقول لو كان جري لك ما جري في بورسعيد هل كنت تقولين مثل هذا الامر، الحق أقول كنت بنفس درجة الغضب في 27 سبتمبر 2005 حين أمر الباشا الضابط محمد الالفي باعة العتبة بالاعتداء علي مسيرة كنت مشاركة فيها، أصيب فيها من أصيب ولكن بعد فترة من الوقت اكتشفت انني غضبت من الطرف الخطأ، فالبائع مضطر لضربي حتى لا يلاقي هو العقاب بحرق البضائع كما هددهم الالفي، أو الحبس والتعذيب وكما يقال "بحر الاذي واسع" هل كنت سأتضامن مع البائع اعترف كنت قد اتضامن ولكن هل كنت سأحميه؟، هل كنت سأستطيع أن ادافع عنه اعلامياً؟ الاجابة لا.
أذكر في بداية عملي الصحفي كنت مهتمة بقضايا التعذيب أنا ووليد، قالت لي أحد الناشطات في مجال مناهضة التعذيب بالحرف "هناك استباحة للمسجلين خطر" اصطدمت أنا ووليد خلالها بقضايا تعذيب عديدة حاولنا نشرها وكانت الصدمة في أحد الجرائد الحزبية الكبيرة بأن يجب التأكد أولا من أن الضحية ليس مسجل خطر هذه هي تعليمات هيئة التحرير، ورغم اصطدامنا بحالة تعذيب بشعة في شبراالخيمة كان بطلها مسجل خطر قرر التوبة لكن البيه الظابط لا يريد له التوبة وانما يريده أن يعمل كمرشد تسبب في تعذيبه إلا أن الجريدة رفضت النشر لمجرد أنه مسجل خطر.
لم تختلف الصديقة كثراً عن بعض المعلقين في احد القنوات علي فيديو كان نشره المدون وائل عباس عن تعذيب فتاة تم اجبرها من البيه الظابط علي خلع ملابسها أمام الكاميرا، أثناء ضربها بوحشية، أحد المعلقين استفزني قائلاً بأن الواضح أن الفتاة مسجلة خطر آداب حاولت الاتصال بالبرنامج وفشلت كنت اريد أن اقول له " كونها مسجلة خطر آداب لا يعطس لاحد الحق في تعذيبها" يمكن عقابها بالقانون المنظم للحياة إذا ادينت بارتكاب واقعة ولكن هل التعذيب ضمن هذه القوانين لا اعتقد.
أن هنا لست ضد تطبيق القانون علي المسجل خطر وغيره، ولكن ما أريد قوله أن كون المتهم مسجل خطر لا يعني بالضرورة ارتكابه الواقعة، وأن المسجل خطر في أغلب الاحيان خاصة وأن كان المحرض الداخلية يكون اداة مضطرة للتنفيذ وبالتالي فأن الحكم بالاعدام عليه يكون كمن يحكم علي القاتل الفقير بالاعدام وعلي القاتل الغني باعدام ظله كما في قانون "سكسونيا"، والاهم أن ننظر للجميع علي أنهم بشر لهم حقوق وأن ارتكابهم لجريمة تمت معاقبتهم عليها لا يعني بالضرورة ارتكابهم للجرائم بعدها ولا يسقط حقوقهم التي تتساوي مع حقوقي وحقوقك وحقوق أي شخص أخر.